كيف يكون الإاستعداد للحج

كيف يكون الإاستعداد للحج

( 1 ) ـ إذا أراد المسلم أن يحج بيت الله تعالى فيلزمه التزود
قبل السفر وقد بين لنا سبحانه وتعالى ذلك فقال : (وَتَزَوَّدُواْ) ثم بين
نوع ذلك التزود فقال : (فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ) ثم أكد على أهمية
ذلك فقال : ( وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ .)
لذلك كان لزاما على كل عازم على الحج أن يسأل نفسه هل
تزود حقا قبل السفر لأداء فريضته بتلك التقوى ، ، قال الحبيب
صلوات الله وسلامه عليه مما رواه حين سأله أبو ذر الغفارة رضى
الله عنه عن التقـوى فقـــال : ( التقـــوى رأس الأمـر كلـــه ) ، فإذا ما غفل المرء عن تقوى الله فكيف له أن يلقى الله فى بيت الله
وهو محمل بأحمال بعيدة عن تقوى الله فإذا شعر كل منا وأيقن بمراقبة
الله له كان كـمن ورد فى الأثر خبـره فقد ورد فى الأثر أن أحـد
الصالحين كان يقول من شدة خوفه من الله : (( الله ناظرى
الله مطلع على الله شاهدى )) فهل منا من يقول مثل هذا القول .

وقال الإمام على كرم الله وجهه : ((التقوى فى أربع :
الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضاء بالقليل
والاستعداد ليوم الرحيل قبل الرحيل ))
والخوف من الجيل جل وعلا يكون فى البعد عن محارم الله
والتحلى بخلق الإسلام بأن يقر فى النفوس أن الدين المعاملة ، معاملة
مع النفس ، ومعاملة مع الخلائق ، ومعاملة مع الله ، وكل ذلك
لا يكون إلا بسبيل واحد وهو الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ،
وفى كل ذلك علينا أن نستشعر دوما أن هناك إله واحد يراقبنا
ويحصى علينـا أعمالنـا وأن نتذكر دوما قول الله تعالى :
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )) الحشر/18

قال أحد الصالحين : (( ثلاث خصال من التقوى إن استطعت
أن لا تترك شيئا منها أبدا فافعل : لا تبغين على أحد فان الله تعالى
يقول : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم }يونس23 ولا تمكرن
على أحد مكرا فإن الله تعالى يقول : { وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ
فَهَلْ }فاطر43 ولا تنكثن عهــدا أبدا فإن الله تعالى يقول :
{ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ
عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً }الفتح10
خلاصة الأمر فإن التقوى هى الزاد اللازم لمن أراد حج بيت
الله الحرام وأداء الفريضة والحذر من الوقوع فيما يبعد عن
التقوى فما تعملوا من خير يعلمه الله فإذا فعل المرء ذلك وأراد
أن يحج بيت الله ليؤدى فريضته التى افترضها عليه صحت حجته
وعاد منها كيوم ولدته أمه فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم:
)) من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنبه كيوم ولدته أمه((


( 2 ) ـ أما ما يجب أن يفعله الحاج من لحظة الخروج من
بيته حتى وصوله إلى بيت الله الحرام .
يقول رب العزة جل وعلا فى كتابه الكريم :
(( وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً
وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِين)) آل عمران 97
فإذا عزم المرء على أداء فريضة الحج فيجب عليه المبادرة
بالتوبة من الذنوب والمعاصى وإبداء الندم على ما مضى والعزم
على عدم العودة إلى ما فات مستقبلا ، ورد المظالم إلى أصحابها
وقضاء ما عليه من الديون ورد ما لديه من ودائع لا صحابها وأن
يترك لأسرته ما يلزمهم من المال الذى يكفيهم لحين عودته وأن
يتصدق بشئ قبل خروجه وأن يستعين بطيب ماله لمطالب الحج
ونفقاته وأن يتلمس رفيقا صالحا معينا له ، إن نسى ذكره وإن
ذكر أعانه ، ولا ينسى أن يودع جيرانه ورفقائه ويلتمس دعاءهم
ويستحب له أن يقال له عند السفر :
( استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك )
فعن إبن عمر رضى الله عنهما أنه كان يقول للرجل إذا أراد سفرا :
( إدن منى ـ أى اقترب منى ـ حتى أودعك كما كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يودعنا )
ثم يقول له : ( استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك )
كما يجب على الحاج أن يطهر نفسه من رذائل الأخلاق ويتحلى
بفضائلها ويستحب أن يترك وصية مكتوبة كما يستحب أيضا أن
يوصى بجزء من ماله للفقراء والمساكين وأن يبين فى وصيته
ماله من ودائع لدى الغير ، وأن يواظب على قراءة القرآن الكريم
والإكثار من الاستغفار والدعاء .
أما ما ينبغى أن يفعله الحاج قبل خروجه من بيته أن يصلى
ركعتين فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
(( ما خلف أحد عند أهل بيته أفضل من
ركعتين يركعهما عندهم حين يريد سفرا ))
ويقرأ فى الأولى الفاتحة وسورة الكافرون وفى الثانية
الفاتحة وسورة الإخلاص فإذا سلم قرأ آية الكرسى ، كما
يستحب أن يقرأ سورة لإيلاف قريش ويدعو بإخلاص ونية صادقة قائلا :
(( اللهم أنت الصاحب فى السفر وأنت الخليفة فى الأهل والمال
والولد والأصحاب ، إحفظنا وإياهم من كل آفة وعاهة ))
فإذا انتهى من ذلك توجه للخروج وقال : بسم الله توكلت على
الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ، رب أعوذ بك أن أضل أو أضل أو
أذل أو أذل أو أزل أو أزل أو أظلـم أو أظلــم أو أجهل أو يجهل
علـى ، اللهم إليك توجهت وبك اعتصمت اللهم أكفنى ما همنى ولا
أهتم به اللهم زودنى التقوى واغفر لى ذنبى ووجهنى للخير أينما
توجهت ، فإذا ركب راحلته دعا بدعاء السفر وقال
:
(( سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون
اللهم إنا نسألك فى سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى ،
اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنـا بعده اللهم أنت الصاحب فى
السفروالخليفة فى الأهل والمال والولد ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء
السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب فى المال والأهل والولد والأصحاب
اللهم إنا نسألك فى سيرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى
اللهم إنا نسألك أن تطوى لنا الأرض طيـا وهـون علينا السفر
وأن ترزقنا فى سفرنا سلامة البدن والدين والمال وتبلغنا حج بيتك
وزيارة قبر نبيك محمد صلى الله عليه وسلم (( .
وعليه أن يداوم على التلبية والصلاة على رسول الله صلى
الله عليه سلم .
اللهم ارزقنا حج بيتك الحرام
والسعى والطواف والصلاة خلف المقام
وشرب ماء زمزم
ثم الختام بزيارة خير الأنام
سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم